العجلاوي: هكذا تحوّلت الصحراء إلى ورقة داخلية في موريتانيا

18 أغسطس 2019 - 21:00

جاء قرار موريتانيا بالانسحاب من إقليم وادي الذهب لصالح جبهة البوليساريو عقب الانقلاب الذي عرفته موريتانيافي يوليوز 1978. ولمعرفة مدى الارتباط بين الحدثين، يمكن العودة إلى كتاب مذكرات محمد خونة ولد هيدالة، الذيصدر عام 2012.

فقد ورد في هذا الكتاب ما يُبيّن انحياز ولد هيدالة للطرح الجزائري، فالانقلاب نفسه من تداعيات مشاركة موريتانيافي نزاع الصحراء، ولذلك كانت قراءة الانقلابيين للأوضاع الإقليمية خاطئة، بل هناك من يتهم ولد هيدالة بالتعاون معالمجموعات المسلحة للبوليساريو إبان هجماتها على موريتانيا، وحتى بعد انقلاب 1978.

يبدو من خلال التحليل القيمي لعدد من المصطلحات الواردة في الكتاب أن ولد هيدالة ارتمى بشكل تلقائي فيأحضان الدولة الجزائرية آنذاك، وهو يقول في الكتاب بسلامة الموقف الموريتاني من نزاع الصحراء في عهد ولدداداه. إن تحول ملف الصحراء إلى ورقة داخلية وتحول موازين القوى داخل السلطة في عهد ولد هيدالة إلى الانتصارللجزائر والبوليساريو، عجّل في الوقت عينه ببروز تناقضات جديدة داخل النظام الموريتاني، وهو ما يحكي بعضا منتفاصيله حين يتحدث ولد هيدالة عن العلاقات مع البوليساريو إذ يقول: « ورغم هذا الموقف الذي حاننا فيهالبوليساريو، وخاصة البشير السيد، فلم تمس علاقتنا بالصحراويين لأننا نعرف أن مصيرنا ومصيرهم واحد، وكانهدفنا الكبير هو قيام دولة صحراوية لأننا كنا نريد أن تقوم دولة تحول بيننا وبين المغرب التي كانت في سالف الأزمانتطالب بنا« .

وقد خصص ولد هيدالة الفصل الثالث من الباب الرابع من كتابه للعلاقات مع المغرب والجزائر والبوليساريو والسنغال،والظاهر أن للرجل علاقات عداء مع بشير مصطفى السيد، الذي كان يقود وفد البوليساريو في مفاوضات الطرفين،كما اتهم ولد هيدالة البوليساريو بتصفية العناصر الموريتانية داخلها. لكنه يعود ليعترف بانتصاره للجزائروالبوليساريو حن يقول: « بالنسبة إلى قضية الصحراء، فقد شهد موقف بلادنا وموقعها في هذه القضية خلال فترةحكمي تغييرا لا بأس به« . وعن الجزائر يقول ولد هيدالة: « كنا ننسق معهم بشكل مستمر في الاجتماعات الإفريقيةلدعم القضية الفلسطينية، كما أن الدور لجزائري في التوسط بيننا وبين البوليساريو مشهور منذ لقاء « منروفيا« ، إلىاتفاقية الجزائر رغم الملاحظات عليها، ومن جهة أخرى كانوا يمدوننا بالمعلومات الاستخباراتية عن المغاربة« .

عموما، الأمر يعود إلى لحظة تنفيذ الانقلاب، ففي الفصل الأول من الباب الثالث من كتاب مذكراته، يبرر ولد هيدالةمساهمته في الانقلاب على ولد داداه بأن مشاركة موريتانيا في نزاع الصحراء جرت عليها مشاكل كثيرة، ويقول بهذاالخصوص: « عاش البلد في الفترة الأخيرة من حرب الصحراء تدهورا لا مثيل له في أوضاعه العامة على كافةالصعد، فعلى الجبهة الحربية ورغم استبسال قواتنا أصبحت البوليساريو تشكل تهديدا حقيقيا لوجودنا، فهيتضرب حيث شاءت داخل مدننا أو في مواقعنا الاستراتيجية، وعلى رأسها السكة الحديدية، وعلى المستوىالاقتصادي استنزفت الحرب كل مواردنا الذاتية والمساعدات الخارجية. أما الجبهة الداخلية، فقد بدأت تتفكك نظراإلى طول الحرب وكلفتها الباهظةإذن، ففكرة الانقلاب على نظام المختار ولد داداه كانت الوسيلة الوحيدة لإيقافهذه الحرب« .

وعكس ما قاله ولد هيدالة من كون اعترافه بالبوليساريو يعود إلى بناء المغرب للجدار الرملي، الذي فرض على قواتالبوليساريو مهاجمة المغرب انطلاقا من الأراضي الموريتانية، فإن ولد هيدالة لا يعترف فقط، بمحاولة منح إقليم واديالذهب للبوليساريو، بل إنه يقر كيف أصبح المدافع عنها في المحافل الدولية، وحتى مع دول كان لها موقف مبدئي منالوحدة الترابية للمغرب مثل العراق.

شارك المقال

شارك برأيك

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

التالي